×

لا تمت قبل أن تموت

شارك هذه المنشور

لا تمت قبل أن تموت

 الاربعاء 25/12/2024
تغريد برهوش

في مسرح الحياة الكبرى، حيث تُمنح لكل منا فرصة العبور، تتباين أدوارنا بين من يحيا بنبضٍ عارم، ومن يكتفي بأن يكون ظلاً باهتًا يمر دون أثر. كم من الأرواح تدّعي الحياة وهي غارقة في سبات طويل؟ وكم من الأجساد تدبّ على الأرض، لكنها فارغة من كل معنى؟ إن الموت الحقيقي لا يبدأ حين يتوقف القلب عن النبض، بل حين يتوقف عن الشعور، وحين تغلق نافذة الروح أمام نور المعنى.

“لا تمت قبل أن تموت” ليست دعوة للحياة العادية، بل للوجود الواعي، للحياة التي تُعاش بكل ما فيها من دهشة وشغف وامتنان. هي صرخة تستنهض الإنسان من سباته اليومي، من خوفه المستتر خلف روتينٍ كاسر، ومن استسلامه لأصفاد العادة والخوف.

كيف يموت الإنسان وهو حي؟

يموت عندما يستبدل أحلامه بالمخاوف، وعندما يرضى بأن يكون متفرجًا على مسرحية حياته بدل أن يكون كاتبها ومخرجها. يموت حينما يتوقف عن التساؤل والدهشة، عن التجربة والبحث، عن السعي لإضفاء معنى على كل خطوة وكل نبضة.

لكن ماذا لو قررت الآن أن تستيقظ؟ أن تعيد إشعال فتيل الشغف الذي أخمدته الأيام؟ أن تسمح لنفسك بأن تحب بعمق، بأن تفشل بشجاعة، بأن تحلم دون قيد، وبأن تعيش كأن كل لحظة هي الفرصة الأخيرة للخلق والإبداع؟

الحياة ليست في عدد الأيام، بل في قدرتك على أن تجعل لكل يوم صدى يبقى. أن تتحدى عجز اللحظة وأن تحرر نفسك من قيود الزمن لتكون أنت الزمن ذاته. أن تنظر إلى الموت ليس كعدو، بل كمُذكّر بأن كل لحظة هي هدية، وكل شهيق فرصة للبدء من جديد.

وفي ختام التأمل، اجلس مع ذاتك واسألها بصوتٍ عميق: إن جاء الغياب الآن، هل سأمضي وأنا أشعر أنني قد عشتُ حقًا؟ أم أنني سأترك هذه الأرض كعابرٍ لم يترك أثرًا، ولم يكتشف سرّ وجوده؟

تذكر دائمًا… لا تمت قبل أن تموت، لأن الحياة ليست وعدًا، بل اختيارًا واعيًا يجب أن تُدركه قبل فوات الأوان.

المزيد من المقالات

جميع الحقوق محفوظة . صمم بواسطة موركيز