الشيخوخة والهرم الفكري

شارك هذه المنشور

الشيخوخة والهرم الفكري

29 يوليو، 2025

ليست كل الشيخوخة ظاهرة على الوجوه…
ثمة أفكار تُصاب بالخمول، وأحلام تتعب من الانتظار، وملامح وهج داخليّ يخفت بهدوء لا يلفت الانتباه.
يبدأ الهرم بصمتٍ بالغ، حين تقل الأسئلة، ويبهت الانبهار، ويغدو الممكن شيئًا نظريًا يصعب تخيله، لا بلوغه.

أحيانًا، يبدو التفكير وكأنه فعلٌ يُمارس، لكنه في الحقيقة ليس إلا إعادة تدوير لإجابات قديمة، بلغة محدثة.
وقد تتجمّل المفاهيم بأثواب الحداثة، لكن خلف كل قناعٍ جديد، تختبئ أسئلة لم تُطرح، ومساحات لم تُكتشف.

وفي بعض الزوايا داخل المؤسسات، سواء في التعليم، أو الإدارة، أو حتى في مساحات الفن…
لا يظهر التعب دائمًا في الملامح، بل في نبرة الحديث، في القرارات المتكررة، وفي تلك المحاولات التي تتوقف قبل أن تُولد.

الفكر لا يضعف لأنه عجز، بل لأنه لم يجد بيئة تتنفس معه، أو مناخًا يحتضن اندفاعه الأول.
وفي أماكن يُفترض أنها خُلقت للخيال والتجريب، تبدو الفكرة أحيانًا وكأنها عبء، إن لم تكن مألوفة أو لم تنشأ على مقاس المعتاد.

هكذا، يتراجع الفكر تدريجيًا… لا لشيء، إلا لأنه ظلّ طويلًا في انتظار مساحة لا تأتي، أو صوت يسمعه دون أن يُخضعه للمقارنة أو التصنيف.

ولعلّ الشباب الحقيقي، لا يسكن الجسد وحده، بل يسكن تلك المساحة التي يظل فيها السؤال حيًّا، والتأمل قائمًا، والرغبة في الفهم أكبر من الخوف من التغيير.

ربما لا يحتاج الأمر إلى انقلابٍ كبير…
بل إلى لحظة هادئة، نُصغي فيها بصدق لأنفسنا، بعيدًا عن ضجيج اليوميّات، وعن التصورات التي تراكمت دون أن نراجعها.

وربما… فقط ربما، تعود الأفكار شابة حين يُمنح لها حق النمو، لا في المساحات الفسيحة بالضرورة، بل في البيئات الصادقة التي لا تخاف السؤال.

ويبقى التساؤل…
هل يخفت الفكر حين لا يُسمع، أم حين لا يُؤمن به؟ أم أن هناك ما هو أعمق من ذلك… ما لا يُقال، ولا يُرى، لكنه يترك أثره في صمت الفكر وانطفاء الدهشة؟

المزيد من المقالات

جميع الحقوق محفوظة . صمم بواسطة موركيز